منتدى المتميزون
مرحبا بك في منتدى المتميزون

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى المتميزون
مرحبا بك في منتدى المتميزون
منتدى المتميزون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مختارات من جمهرة قصص العرب (2)

اذهب الى الأسفل

مختارات من جمهرة قصص العرب (2) Empty مختارات من جمهرة قصص العرب (2)

مُساهمة  زقولو الخميس مارس 25, 2010 4:13 am

موت عاشقين




حدّث محمد بن قيس قال : وجّهني عامل المدينة إلى يزيد بن عبد الملك _وهو إذا ذاك خليفة _ فلما خرجتُ عن المدينى إذا أنا بامرأة جالسة على الطريق ، وشاب نائم ، وهو يتلوى ، ورأسه يسقط في حجرها ، وكلما سقط أعادته مكانه فسلّمتُ ، فردت السلام _ والشاب مشغول ٌ بنفسه _ فسألتها عنه ، فقالت : يا عبيد الله ؛ هل لك في الأجر والمثوبة ؟ فقلت : لا أبغي سواهما .

قالت : هذا ولدي ، وكانت له ابنة عم تربيا معا ، وشُغفت به ، وشُغف بها ، وعلم بذلك أبوها ، وعلم بها أهل المدينة ؛ فحجبها عنه ، وكان يأتي الموضع والخباء (1) فيبكي ، ثم خطبها من أبيها ، فأبى أن يزوجه ؛ لأنّا نرى ذلك عيبا ، أن تزوّج المرأة لرجل كلن يحبها . ثم خطبها رجل غيره ؛ فزوّجهاأبوها منه منذ خمسة أيام ، وهو على ما ترى ؛ لا يأكل ولا يشرب ولا يعقل ، فلو نزلت إليه ، وتحدثت معها ووعظته وسليته ، فلعله يسكن إلى حديثك ، ويتقّوت بشيء من الطعام !

قال محمد : (2) فنزلت ودنوت منه ، وتلطفت به ؛ فرجّع إلىّ طرفه وقال بصوت حزين :



ألا مــــا للــمليحة ِ لا تعودُ ! === أنُجلٌ بـالـمليحة أم صدودُ ؟

مرضتُ فعادني أهلي جميعا === فما لكِ لا نرى فيمن يعود !

فـقـدتـُكِ بينهـم فبكـيت شوقاً،=== وفـقـدُ الإلف يا سلمى شديد ُ

وما استبطأتُ غيرك فاعلميه ===وحولي من ذوي رحمي عديدُ

فلو كنتِ المريضة كنت أسعى === إليك ولم يُنَهْتِهنِي الوعيد ُ!



ثم سكن ، فنظرت المرأة إلى وجهه وصرخت وقالت : والله فاضت نفسه ! قالتها والله ثلاث مرات . فغشيني من ذلك همّ وغم ّ . ولما رأت العجوز ما حل بي عليه من الحزن قالت : يا ولدي ؛ هوّن عليك ، والله لقد استراح مما كان فيه ، عاش بأجل ، ومات بقدر ، وقدم على رب كريم ، واستراح من تباريحه وغصصه ، فهل لك في استكمال الأجر ؟ قلت : قولي ما أحببت ، قالت : هذا الحي منك قريب ، فإن رأيت أن تمضي إليهم تنعيه لهم ، وتسألهم الحضور ليعينوني على مواراته فافعل .

قال محمد : فركبت وأتيت الحي ، فنعيته لهم ، وأخبرتهم بصورة أمره ، فبينا أنا أدور في الحي إذا أنا بامرأة خرجت من خبائها تجر خمارها ، ناشرة شعرها ، فقالت لي : أيها الناعي ؛ من تنعي ؟ فقلت فلان ، فقالت : بالله عليك ، مات! فقلت : نعم ، قالت : هل سمعت منه شيئا قبل موته ؟ قلت نعم ، وأنشدتها الشعر ، فاستعرت باكية ، وأنشأت تقول:

عداني أن أزورك يا حبيبي === معاشر كلّهم واش حسود ُ

أشاعوا ما علمت من الرزايا === وعابونا ، وما فيهم رشيد

فأمـا إذ ثـويت الـيـوم لــــحدا === فـدور الـناس كلـهم لحود

فلا طــابت لي الدنــيا حــياة === ولا سحّت على الأرض الرعود


ثم خرجت مع القوم وهي تولول حتى انتهينا إلى الغلام ، فغسلم=ناه وصلينا عليه ودفناه ، فلما تفرقنا عن قبره جعلت تصرخ وتلطم .

ثم ركبت ُ ومضيت ، وهي على تلك الحال . فأتيت يزيد بن عبد الملك وناولته الكتاب ، فسألني عن أمور الناس وما رأيته في طريقي ، فأخبرته الخبر ، فقال لي : يا محمد ؛ امض الساعة قبل أن تشتغل في غير هذا حتى تمرّ بأهل الفتى وبنى عمه وتمضي بهم إلى عامل المدينة ، فتأمره أن يُثْبِتَهُم في شرف العطاء ، وإن كان أصاب الجارية ما اصابه فافعل بأهلها كما فعلت بأهله ؛ وارجع حتى تخبرني بالخير ، وتأخذ جواب الكتاب .

قال محمد : فخرجت حتى انتهيت إلى قبر الغلام ، فوجدت بجانبه قبرا آخر ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا قبر الجارية ، لم تزل تصرخ وتلطم حتى فاضت نفسها ، ودفنت بجانبه ، فدفعت أهلهما ومضيت بهم إلى عامل المدينة ، فأثْبَتَهُم في شرف وعطاء ، وعدت فأخبرته ، فأجازني على ذلك جائزة حسنة (3).







(1) الخباء من الأبنية ، يكون من وبر أو صوف أو شعر.
(2) هو محمد بن قيس ، كان يشتغل عند عامل المدينة في ايام يزيد بن عبد الملك . نهاية الأرب 2/187.

(3) نهاية الأرب : 2/ 187
[center]

زقولو

المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 20/03/2010
الموقع : مصنع سكر حلفا الجديدة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى